
هوس المغامرات وإدمان الأدرنالين يسيطرون على عقول الشباب
![]() | ![]() | ![]() |
---|
الأكثر قراءة
يستغل الشباب طاقتهم في السفر والمغامرات بدلاً من القيام بمشروعات وإستغلال إمكانياتهم في أي مجال، فمع إقتراب الإجازة الصيفية يعتزم كثير من الشباب على تجربة السفر إما للسياحة أو للتجارة، فهوس الشباب وصل لمرحلة البحث عن المتاعب من أجل المغامرة
وقد إنتشرت ثقافة السفر في الفترة الأخيرة بمصر بشكل كبير، وأصبح السفر والسياحة حلما يتمنى كثيرون تحقيقه، حيث سيطرت صورة الرحالة والمغامرين المصريين أمثال حجاجوفيتش على عقول الشباب. وظهرت العديد من الصفحات على مواقع التواصل الإجتماعي تتحدث عن فوائد السفر والرحلات والمغامرات.
وقد قمنا بإستطلاع رأي بعض الشباب حول أسباب حبهم للسفر، حيث قال علاء فهيم: "كثير من الشباب يعشقون السفر ويتمنوا الذهاب إلى جميع الأماكن المثيرة، بالرغم من وجود بعض القيود مثل المال لأن السفر يحتاج لأموال باهظة"، مضيفا "رغم خطورة السفر على الحياة إلا أنه فرصة لإستكشاف ثقافات عديدة وإستكشاف نفسك أيضا".
وأكد محمود محمد، أن السفر إلى الأماكن الخطرة فرصة للإحساس بمتعة لا مثيل لها"، موضحا أن أي إنسان يمكنه القيام برحلة إستكشافية للعديد من الأماكن في جميع أرجاء محافظات جمهورية مصر العربية.
ومن جانبه، قالت ياسمين نبهان: "السفر إلى الأماكن المثيرة، يعطيك دفعة من الأدرينالين ويكشف لك العديد من الأماكن الرائعة"، مضيفة "حب المغامرة إذا تملك من أي شخص لن يفرق معه أي مخاطرة قد تواجهه".
وقال محسن محمد: "أنا لدي الشغف لخوض المغامرات وشعور الأدرينالين في الدم، مثل القيادة على الطرق الصعبة والسير على طرق إستثنائية والتسابق مع سيارات آخرى، لأن ذلك يعطي إندفاع مدهش"، مؤكدا أن المغامرات تسبب نوع من المتعة الشخصية والرضا والطموح لتحقيق النجاح.
وأضاف: "ولكن هناك بعض العوامل التي قد تعوض خوض المغامرات مثل الدعم المادي والإلتزامات العائلية"، موضحا أن كل رياضة تتضمن جزءا خطرا وتقع حوادث مأساوية ولكن تبقى المغامرة أهم شئ في الحياة.
فهناك العديد من الأسباب التي تدفع الشباب لتحدي الطبيعة والمجازفة وخوض المغامرات الخطرة، لإيجاد معنى آخر للحياة، فعالميا الجميع يعرف المغامر النمساوي فيليكس بومغارتنر، صاحب القفز التاريخية من حدود الغلاف الجوي وفاقت سرعتها سرعة الصوت، وقال بعد القفزة: "عندما نقف عند قمة العالم، نشعر بتواضع كبير والشئ الوحيد الذي نتمناه هو العودة أحياء، أحيانا يجب الصعود عاليا لنعرف كم أننا صغار".
كما أن متسلق الجبال مكسيم شعيا، أصبح أول لبناني يصل إلى جبل افرست عام 2006، وكان هو أيضا أول شخص في الشرق الأوسط يصل إلى القطب الجنوبي متزلجا في رحلة استغرقت 47 يوما عام 2007، ووصل في 2009 إلى القطب الشمالي في رحلة تزلج شاقة دون أي مساعدة لمدة 53 يوما في المكان الأكثر قسوة على وجه الأرض، وقد أكمل مشروعه لتسلق القمم السبع أيضا.
فتختلف جميع الشخصيات في حب المغامرات والإكتشافات، فهناك من يسعى لتحقيق ذاته وهناك من يريد إيجاد معنى للحياة، فالمخاطرة أو المغامرة إحساس يدفع الناس إلى أنواع معينة من الأنشطة التي تلبي حاجتهم للتغيير في نمط حياتهم بحثا عن المتعة والإثارة، ولذلك يلجأوا إلى نشاطات محفوفة بالأخطار كالسفر إلى أماكن غريبة، أو القيام برياضات غير مألوفة مثل القفز بالمظلات، والغوص، وسباقات السيارات، وتسلق الصخور.
لاشك أن هناك العديد من الأخطار الموجودة في كل مكان ولكن هذا لا يُعني الخوف من السفر ولكن يجب أخذ بعض الإحتياطات، حيث أن العديد من خبراء السفر والسياحة يعطوا الكثير من النصائح على المواقع حول أخطار السفر وكيفية تجنب المخاطر العالية.
فعلى سبيل المثال، قد أعلن في وقت سابق المغامر بول روزولي قيامه بالدخول إلى معدة أفعى الأناكوندا لتجربة شعور أن يأكله وحش، فما الذي يدفع أحدهم للقيام بمغامرة قد تهدد حياته مثل تسلق أعتى الجبال أو الغوص في أعماق البحار وغيرها من المغامرات، هذا ما سيجيب عنه خبراء علم النفس خلال السطور القادمة.
أكثر من 72 ساعة فوق جبل سانت كاترين، قضاها 4 شباب لديهم هوس بالسفر وخوض المغامرات في مطلع عام 2014، حيث قضوا 3 ليالي يبحثوا فيها عن السعادة ولكنهم تعرضوا لعاصفة ثلجية شديدة أودت بحياتهم في أشهر حادثة بسبب الهوس بالسفر والمغامرات خلال السنوات الأخيرة، والمعروفة بحادثة سانت كاترين.
قال الدكتور محمد محمود نجيب، أستاذ علم النفس بجامعة حلوان: "إن الشباب تختلف دوافعهم من شخص لآخر، فالبعض يتجه إليها بسبب الإكتئاب أو عدم القدرة على التعامل مع البشر ولذلك يتجه للقيام بسلوك مضاد للواقع بدافع خوض المغامرات والذي قد يتعرض خلالها للخطر".
وأضاف: "وهناك بعض الأشخاص الذين يبحثوا عن الأخطار ويخوضوا المغامرات بدافع المتعة والمخاطرة في اللعب بحياتهم وإيذاء أنفسهم، ولكن هذه الخطورة تقع ضمن ناطق غير سوي يحتاج من يقوم به إلى علاج خاصة الألعاب أو المغامرات الخطرة"، مؤكدا أن هناك بعض الرياضات أو المغامرات الأقل خطورة ويكون لها ضوابط يستطيع المغامر تخطيها ويبقى في نطاق التصرف السوي.
وبدوره قال أستاذ علم النفس، الدكتور هاني هنري، إن الأسلوب التربوي الذي نشأت عليه أي شخصية يؤثر في تصرفاتها وأفعالها، فنجد شخصيات تبحث عن الأخطار والمغامرات، بينما هناك شخصيات آخرى لا تهتم كثيرا لخوض المغامرات أو أي تجارب خطرة"، مضيفا "هناك نمطين أولهما من يمتلك غريزة المتعة التي توصله للقيام بنشاطات خطرة، ثانيهما من يعيش حياة نفسية صعبة كشعوره بالإكتئاب والإنهيار العصبي فيجد أن هذه النشاطات ملاذ له لتقليص الضغط النفسي السلبي الذي يمر به".
وأضاف: "هناك أشخاص يبحثون عن التنفيس لمرة واحدة فقط وذلك من باب المتعة والتغيير، ولكن هذا الأمر بالنسبة لآخرين يعتبر جزءا من حياتهم، حتى يصبح الخطر بالنسبة لهم نمط حياة ويرتبط الخطر بالبيئة الإجتماعية التي يعيش فيها الأفراد ويتأثر المغامرين بالأصدقاء الذين يشجعونهم على القيام بذلك"، موضحا أن الأمر عبارة عن مسألة سلوكية تحتاج إلى علاج عبر جعل هذا الشخص يتأقلم مع المحيط الذي يعيش فيه دون إيذاء نفسه أو الآخرين، فمن يبحث عن الأخطار أو المغامرة غالبا ما تكون لديه رغبة في الموت إما مكبوتة أو واعية.
وأشار إلى أن الرغبة المكبوتة هي عندما يقوم بهذا الفعل دون تركيز مع حركة زائدة إلى جانب عدم إدراك العواقب، أما الرغبة الواعية في الموت فتبرز عندما يمر الشخص بكآبة حادة تجعله يبحث عن سبب للموت، موضحا أن الراغب في الموت يحتاج إلى علاجات سلوكية لكي يستطيع ضبط نفسه، ولكن ذلك في حالة رغبة صاحب الشأن في ذلك وإلا سيكون العلاج مستحيل دون إرادته.
وفي نفس السياق، قالت أستاذ علم الإجتماع، الدكتورة سامية خضر، إن أي مغامر يتعرض للخطر يكون قد تعود على ما يقوم به وبالتالي لا يشعر بالخطر، مضيفة "الأمر له علاقة بالتنشئة الإجتماعية التي تعود عليها منذ الصغر".
وأضافت: "الإعتماد على النفس وممارسة الرياضة ومواجهة التحديات المختلفة طالما لم يكن هناك إنتهاك للقانون أو الضرر بأي شخص هو أمر يتكون في شخصية أي إنسان منذ صغره"، موضحة أن هناك مناخ بالدول الأوروبية يؤهل أي شخص لحب الرياضة والمغامرة خاصة لدى الأطفال الصغار ما يجعل تلك الثقافة سائدة عند هذه المجتمعات.
وأكدت خضر أنه من الضروري أن يتم تربية الأطفال في مصر على الشجاعة والمغامرة وليس الخوف وعدم الإعتماد على النفس.
وبدورها، قالت أستاذ الفلسفة والعقيدة الإسلامية بجامعة الأزهر، الدكتورة آمنة نصير، إن الله وهب الحياة إلى الإنسان وأمر بالحفاظ عليها وإستخدامها بما يفيد المجتمع والدين والفرد، مضيفة "إضاعة الوقت والقيام بمغامرات خطيرة هي أعمال لا فائدة منها ولا يجب الإنخراط فيها بشكل مستمر".
وأضافت: "لا مانع من تجربتها بشكل محدود ولكن لا يجب أن يتأثر بها الشباب، ما يؤثر عليهم سلبا"، مؤكدة أن الفقهاء إتفقوا على تحريم كل ما يضر بالإنسان سواء ماله أو جسده، فقد قال الله تعالى "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار".
وبالرغم من رحلة الموت في جبال سانت كاترين، إلا أن الشباب لا زال لديهم هوس خوض التجربة من جديد والسفر إلى الأماكن المثيرة سواء داخل مصر أو خارجها بهدف كسر حاجز الخوف وخوض مغامرة لا تُنسى رغم إمكانية تعرضهم للخطر أو الموت.